تفشي بوحمرون في المغرب : هل يهدد عودة الأمراض الخطيرة؟
30
SHARES
37
VIEWS
مقدمة
في السنوات الأخيرة، شهد المغرب تصاعدًا مقلقًا في حالات الإصابة بمرض “بوحمرون” (الحصبة)، وهو ما يثير تساؤلات حيوية حول مدى خطورة الوضع وإمكانية عودة أمراض معدية كانت في طي النسيان. انتشار هذا المرض يعيد إلى الواجهة النقاش حول أهمية التطعيمات ودورها في حماية الصحة العامة، خصوصًا مع تصاعد الحركات المناهضة للقاحات عالميًا. فهل يمكن أن يؤدي هذا التفشي إلى موجة من الأمراض الخطيرة التي كنا نعتقد أننا ودعناها؟
ما هو “بوحمرون”؟
بوحمرون أو الحصبة هو مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل عبر الرذاذ التنفسي عند السعال أو العطس. يتميز بأعراض أولية تشبه نزلات البرد، تتبعها حمى مرتفعة وظهور طفح جلدي مميز. رغم أن المرض قد يبدو بسيطًا للبعض، إلا أن مضاعفاته قد تكون قاتلة، خاصة عند الأطفال الصغار أو الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة.
كيف ينتقل الفيروس؟
ينتقل فيروس الحصبة بسرعة فائقة عبر الهواء، حيث يمكنه البقاء نشطًا لساعات في الأماكن المغلقة. تكفي مخالطة شخص مصاب لمدة قصيرة جدًا لانتقال العدوى إلى الأشخاص غير المحصنين. كما أن الأماكن المزدحمة مثل المدارس والأسواق تشكل بيئة مثالية لانتشار المرض.
تفشي بوحمرون في المغرب: أسباب وعوامل الخطر
يعود انتشار الحصبة في المغرب إلى عدة عوامل، منها:
تراجع معدلات التطعيم: رغم حملات التلقيح التي قامت بها السلطات الصحية، لا يزال هناك تراجع في نسبة التغطية باللقاح الثلاثي الفيروسي (MMR)، مما يخلق فجوة مناعية خطيرة.
الهجرة الداخلية والخارجية: انتقال السكان بين المدن والدول يسهم في نشر الفيروس بسرعة، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية.
التغيرات المناخية وتأثيرها على الصحة العامة: ضعف المناعة بسبب الظروف البيئية المتغيرة قد يجعل الأفراد أكثر عرضة للإصابة.
المعتقدات الخاطئة حول اللقاحات: انتشار المعلومات المغلوطة على وسائل التواصل الاجتماعي حول أضرار التطعيم أدى إلى تردد بعض الآباء في تلقيح أطفالهم.
ضعف الوعي الصحي: قلة الوعي بأهمية اللقاحات وخطورة الأمراض المعدية يسهم في انتشار المرض، خاصة في المناطق النائية والمحرومة.
الأعراض والمضاعفات الخطيرة لمرض الحصبة
تبدأ أعراض الحصبة بعد التعرض للفيروس بفترة تتراوح بين 7 إلى 14 يومًا وتشمل:
ارتفاع شديد في درجة الحرارة.
سعال جاف مستمر.
التهاب الملتحمة واحمرار العينين.
بقع بيضاء صغيرة داخل الفم (بقع كوبليك).
طفح جلدي أحمر يبدأ من الوجه ثم ينتشر إلى باقي الجسم.
لكن الخطر الحقيقي يكمن في المضاعفات، التي قد تشمل:
التهاب الرئة الحاد.
التهاب الدماغ، الذي قد يؤدي إلى تلف دائم في الجهاز العصبي.
التهاب الأذن الوسطى وفقدان السمع.
سوء التغذية الحاد بسبب فقدان الشهية والجفاف.
ضعف الجهاز المناعي مما يزيد من قابلية الإصابة بأمراض أخرى.
هل نحن أمام عودة أمراض أخرى؟
إن تفشي الحصبة قد يكون مؤشرًا على خلل أوسع في منظومة الصحة العامة، مما قد يمهد الطريق لعودة أمراض أخرى مثل:
السل الرئوي: مع تراجع المناعة الجماعية، قد نشهد زيادة في حالات السل المقاوم للمضادات الحيوية.
الدفتيريا: هذا المرض البكتيري قد يعود إذا استمرت معدلات التلقيح في الانخفاض.
شلل الأطفال: رغم إعلان المغرب خلوه من المرض منذ سنوات، إلا أن عدم تلقيح بعض الأطفال قد يجعلهم عرضة له مجددًا.
السعال الديكي: وهو مرض قد يكون مميتًا للأطفال الصغار ويمكن أن ينتشر بسهولة في المجتمعات غير الملقحة.
التدابير المتخذة للحد من انتشار بوحمرون
لمواجهة هذه الأزمة الصحية، اتخذت السلطات المغربية إجراءات صارمة، منها:
حملات تطعيم واسعة تستهدف الأطفال في جميع المناطق، مع التركيز على المناطق الريفية والمحرومة.
توعية المواطنين عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول مخاطر الحصبة وأهمية اللقاح.
تعزيز المراقبة الوبائية لرصد أي حالات جديدة بسرعة واحتوائها قبل أن تتحول إلى وباء.
إجراءات صارمة في المدارس لضمان تلقيح جميع الطلاب قبل دخولهم المراحل الدراسية الأولى.
تدريب الطواقم الطبية على التعامل مع الحالات الجديدة بسرعة وكفاءة.
تفشي بوحمرون في المغرب يعد ناقوس خطر لا يمكن تجاهله. إن التهاون في مسألة التطعيم قد يعرض أجيالًا كاملة لخطر الإصابة بأمراض كانت قد أصبحت نادرة أو منقرضة. لهذا، فإن العمل الجماعي بين السلطات الصحية والمجتمع هو الحل الأمثل للسيطرة على هذا التفشي ومنع عودة أمراض أكثر خطورة. فهل نستطيع التعامل بحزم مع هذه الأزمة قبل أن تتفاقم؟ الإجابة تكمن في مدى التزامنا بالتطعيم والوعي الصحي الجماعي.
الأسئلة الشائعة حول مرض الحصبة
هل الحصبة مرض خطير؟ نعم، الحصبة قد تكون مرضًا خطيرًا، خاصة للأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة، حيث يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات قاتلة مثل التهاب الدماغ أو التهاب الرئة.
كيف يمكن الوقاية من الحصبة؟ الطريقة الأكثر فعالية للوقاية من الحصبة هي تلقي اللقاح الثلاثي الفيروسي (MMR) في المواعيد المحددة.
هل يمكن أن يصاب الشخص بالحصبة أكثر من مرة؟ لا، عادة ما يكتسب الشخص مناعة دائمة بعد الإصابة بالحصبة أو بعد التطعيم.
ما هي مدة العدوى بفيروس الحصبة؟ يكون الشخص المصاب معديًا قبل ظهور الطفح الجلدي بأربعة أيام وحتى أربعة أيام بعد ظهوره.
هل التطعيم ضد الحصبة آمن؟ نعم، لقاح الحصبة آمن وفعال، وقد ساهم في تقليل عدد حالات المرض بشكل كبير في جميع أنحاء العالم.